أحمــد شوقـــي ... أمير الشعراء
سيرته الذاتية
ولد الشاعر الكبير أمير الشعراء أحمد شوقي بن علي شوقي بن أحمد شوقي سنة 1285هـ في القاهرة
ويبدو أن كلمة ( شوقي ) جزء من الاسم بدليل وروردها في اسم الشاعر واسم أبيه واسم جده أو لعلها لقب الأسرة
وقد ولد أحمد شوقي في بيئة عربية مسلمة وبها نشأ وتعلم وتثقف وقد أتمّ شاعرنا دراسته الابتدائية فالمتوسطة فالثانوية ثم التحق بكلية الحقوق التي كان السبب في دخولها أستاذه الشيخ البسيوني حسب ما ذكره الشيخ أحمد زكي وكان زميلًا لأحمد شوقي في كلية الحقوق قال ( إن المرحوم الشيخ البسيوني البياني من علماء الأزهر الأجلاء كان يدرس لهم علوم البلاغة في كتابه " حسن الصنيع في المعاني والبيان والبديع " وكان شوقي يكثر من نظم القصائد في توفيق الخديوي كلما هل موسم أو أطل عيد فما لبث أن رأى في تلميذه شوقي قبل إزجائها إلى صحيفة الوقائع المصرية وغيرها من الصحف فكان شوقي ببساطة الناشئ يشير بمحو أو حذف أو تصحيح أو إثبات في القوافي أو الأبيات أو الكلمات فعندئذ تحدث أستاذه إلى أصحاب الحكم عن نبوغ هذا التلميذ مبكرًا فكانت هذه الشهادة من أكبر الأسباب التي حدت بالخديوي توفيق إلى إرساله على نفقته الخاصة لإتمام الدراسة بباريس لتغذية مواهبه الغزيرة بما يراه في الغرب من روائع الشعر البديع وقد تحققت له الآمال وكان شوقي يبعث بقصائده من فرنسا إلى الخديوي بمصر فتصله الهدايا والصلات حتى عاد إلى مصر فألحقه بالقصر من جديد ولم يزل يرتقي في العمل حتى صار رئيس القلم الإفرنجي وعلت منزلته عند الخديوي حتى صار مقصد ذوي الحاجات وشفيع من لا شفيع له عند الخديوي وعندما توفي الخديوي توفيق جاء بعده عباس حلمي الثاني فلم يعر شوقيًا أي اهتمام ولكنه في النهاية عاد فقرّبه وجعله شاعر الحضرة ورئيس القلم الإفرنجي
نفيه وإبعاده من مصر
لقد أبعد الإنجليز عباسا عن الحكم بسبب اتصاله بالأتراك وولوا مكانه حسين كامل وكان ذلك سنة 1304هـ فلم يكن لدى شوقي مكان بل بلغ من أمر الإنجليز أن حكموا بنفي أحمد شوقي عن مصر لأنه من المتحمسين للخلافة العثمانية ولأنه شاعر عباس الذي يجنح للعثمانيين . ولقد اختار أحمد شوقي أن تكون إقامته منفيا في بر شلونة إحدى مدن الأندلس فارتحل هو وأسرته إليها ليقفوا بين آثار الأجداد أربع سنين ونصف . حتى إذا ما هدأ سعير الحرب العالمية الأولى عاد أحمد شوقي إلى مصر لكنه لم يعد إلى الخديوي بل انقطع لشؤونه الخاصة وأقبل على أحوال مجتمعه الذي اتهم بالانصراف عنه وهي تهمة ما ارتاح لها لأن في شعره ما ينفيها ولا سيما ذلك الشعر الذي قاله عندما كانت صلته بالخديوي على أشدها ولست أعني شعره الاجتماعي والديني والأخلاقي الذي عالج فيه قضايا المجتمع فحسب بل أعني ذلك الشعر الذي نظمه في مدح الخديوي
قلنا إن أحمد شوقي عاد من منفاه واعتزل العمل بالحكومة غير أن الأمة تعرف منه كل صدق ووضوح ولذا تم تعيينه عضوًا في مجلس الشيوخ ولكنه كان لا يقضي الصيف إلا في لبنان أو تركيا أو أوروبا وفي سنة 1346هـ كرّم شعراءُ العرب أحمد شوقي في مهرجان كبير أقيم في القاهرة وفيه بايعه الشعراء بإمارة الشعر وفي ذلك المهرجان ألقيت الخطب والقصائد الكثيرة وكان منها قصيدة حافظ إبراهيم التي مطلعها
أمير القوافي قد أتيت مبايعا
# وهذي وفود الشرق قد بايعت معي
وصرف أحمد شوقي اهتمامه إلى الشعر عامة وإلى الإسلامي خاصة كما عني بالشعر المسرحي وإذا كان باكثير وأمثاله هم الذين أثروا المسرح الإسلامي بمسرحياتهم الإسلامية فإنهم يعدون أحمد شوقي أستاذهم في ذلك ولا سيما في مسرحيته ( مجنون ليلى ) التي مزجت بشيء من الروح الإسلامية وبخاصة أن أحداثها كانت في أيام بني أمية ومثلها مسرحية ( علي بك الكبير ) التي جرت أحداثها في مطلع القرن الثالث عشر الهجري وعلى أي حال فإن أحمد شوقي هو الرائد الأول في المسرح الشعري العربي بوجه عام فالذين نظموا بعده جميعهم تلامذة له وقد يفوق التلميذ أستاذه وهذا أمر طبعي ولكن يظل الأستاذ صاحب السبق له فضله ومزيته
أعمال شوقي الأدبية
تبلغ آثار أحمد شوقي أربعة عشرًا أثرًا منها ما هو في الشعر ومنها ما هو في النثر ومنها ما هو في المجال المسرحي
أولاً / الأعمال الشعرية
أ / الشوقيات وهو ديوان يتكون من أربعة مجلدات فالمجلد الأول اشتمل على السياسة والتأريخ والاجتماع واشتمل المجلد الثاني على ثلاثة أبواب ؛ الباب الأول في الوصف والباب الثاني في النسيب واشتمل الباب الأخير على متفرقات في الوصف والاجتماعيات والمناسبات واشتمل المجلد الثالث على المراثي واشتمل المجلد الرابع على قصاصات من صحف وبقية من مطبوعات رتبها الأستاذ سعيد العريان
ب / الشوقيات المجهولة جمعها ودرسها الدكتور محمد صبري وهي أشعار ومقالات لأمير الشعراء ظلت مبعثرة هنا وهناك حتى جمعها الدكتور محمد وتضم أكثر من 130 قصيدة أو 4000 بيت وزيادة على ذلك حوالي ألف بيت من المقطوعات والأبيات المتفرقة وحوالي ستين مقالة
ج / دول العرب وعظماء الإسلام
وهي أرجوزة طويلة عدد أبياتها 1729 بيت عرض فيها التأريخ الإسلامي منذ إشراقة إسلامه إلى سقوط الدولة الفاطمية في مصر منها 153 في السيرة النبوية الشريفة
تلك هي أهم أعماله الشعرية
ثانيًا / أعماله النثرية
أسواق الذهب
وهي مجموعة مقالات اجتماعية جمعت عام 1351 وله فيها أسلوب رائع شبيه بأسلوب فريد وجدي في الوجديات والسجع فيها جارٍ على الطبع ناءٍ عن التكلف تخالطه الحكمة ويمازجه المثل وتأتي فيه الصورة الأدبية رائعة مشرقة لا يكدر صفاءها افتعال . أما المسرحيات فإن من أجمل ما نظم أحمد شوقي مسرحية ( مجنون ليلى ) التي لا تخلو من الروح الإسلامية وكذلك مسرحية ( عنترة ) ومسرحية ( مصرع كليوباترة ) و ( محمد علي بك الكبير ) وله ثلاث مسرحيات أخرى وله تمثيلية نظمها نثرًا (وهي أميرة الأندلس ) إبان نفيه لأسبانيا وله مسرحية ( قمبيز ) وله تمثيلية أخرى ( الست هدى )
صفاته
كان أحمد شوقي أميل إلى القصر منه إلى الطول وكان ممتلئًا مستدير الرأس مرتفع الجبهة كث الحاجبين وسيم الطلعة في عينه اختلاج وتألق وكان وديعًا رقيقًا هادئًا عف اللسان يبتعد بنفسه عن الخصومات وكان شديد الحياء لا يتكلم إلا بصوت خفيض بل لقد كان يغلب عليه الصمت حتى يخيل إلى جلسائه كأنه ليس معهم أو كأنه يتحدث إلى عالم الأشباح أو يتحدث إلى نفسه
ثقافته
كان أحمد شوقي يعكف على التزود بالآداب العربية حتى سيطر على اللغة وألفاظها سيطرة لم تعرف لشاعر من حوله وكان أول ما أعده لذلك كتاب "الوسيلة الأدبية " للمرصفي وما قرأ فيه من أشعار القدماء وشعر البارودي وتحول من هذا الكتاب إلى دواوين الأسلاف ينهل منها ويعل وأوغل في ذلك حتى حاكى الممتازين منهم في غير قصيدة ليدل على مبلغ إتقانه للأسلوب العربي الأصيل ولقد تشرّب روح العربية وامتلك أزمتها اللغوية يصرفها كما يشاء له الشعر والفن وكان يتقن اللغة التركية ونقل عنها بعض أشعار مبثوثة في ديوانه وأهم منها أنه كان يتقن اللغة الفرنسية وآدابها وخاصة على آثار دي موسيه ولامرتين وفيكتور هيجو ولافونتين ولأولهم وثانيهم تأثيرات مختلفة في غزله أما فيكتور هيجو فكان يملأ نفسه إعجابًا مما جعله ينسب إليه عصره ويبدو أن أروع ما كان يعجبه عنده شعره التأريخي في ديوانه أساطير القرون مما جعله ينظم مبكرًا وأما لافونتين فقد حاكاه في شعره القصصي الذي أجراه على ألسنة الطير والحيوان لتربية الناشئة وليجدوا فيها العظة والعبرة ولعله استلهم هذا الضرب من الشعراء أيضًا كتاب كليلة ودمنة وقد نظم فيه إحدى وخمسين قصة قصيرة ولم تقف معرفة أحمد شوقي بالآداب الفرنسية عند هؤلاء الشعراء وآثارهم فقد تعرف على الشعر التمثيلي عند الفرنسيين وخاصة عند الكلاسيكيين ومن المؤكد أنه قرأ كثيرًا من القصص الغربية ولعل ذلك هو الذي جعله يحاول في مطالع حياته الأدبية حين كان موظفًا في القصر تأليف ثلاث قصص نثرية هي ( عذراء الهند ) و ( لادياس ) و ( رقة الآس ) وكانت له قدرة على استخلاص عِـبر الحياة مما جعله يكثر من نثر الحكم في أشعاره مرددًا
والشعر ما لم يكن ذكرى وعاطفة **** أو حكمة فهو تقطيع وأوزان
ودائمًا تسوده روح التفاؤل
وفاتـــــــه