الحسد
يروى أن أحد الأتقياء كان يجلس بجانب ملكٍ ينصحُه ويقولُ له أحسن إلى المحسن بإحسانه فإن المسيئ ستكفيه اسأتُه فحسده على قربه من الملِك بعضُ الجهلة وعمل الحيلةَ على قتلِه.
فقال له أنه يزعُم أنك أبخَر وإمارة ذلك أنك إذا اقتربت منه يضع يده على أنفه ألا يشم رائحة البخرِ .
فقال له انصرف حتى أنظر فخرج ذلك الحسود من عند الملك ودعا الرجل الصالح لمنزله وأطعمه ثومًا فخرج الرجل من عنده وجاء للملِك.
قال مثل قوله السابق أحسن إلى المحسن بإحسانه فإن المسيئ ستكفيه اسأته قال الملك ادنو مني فدنى منه فوضع يده على فمه مخافة أن يشم الملك رائحة الثوم منه فقال الملك في نفسه ما أرى فلانا إلا قد صدق , وكان الملك لا يكتب بخطه إلا الجائزة فكتب بخطه لبعض عماله إذا أتاك صاحب كتابي هذا فاقتله.
فأخذ الكتاب وخرج فلقيه الذي سعى به فقال ما هذا الكتاب قال خط الملك لي بجائزة فقال الساعي هبه لي فقال هو لك فأخذه ومضى إلى العامل فقال العامل في كتابك أن أقتلك قال فإن الكتاب ليس هو لي دعني أراجع الملك.
فقال العامل ليس لكتاب الملك مراجعة فقتله وبعث بجثته إلى الملك ثم عاد الرجل التقي إلى الملك كعادته وقال مثل قوله فعجب الملك وقال ماذا فعلتَ بالكتاب قال لقيني فلان وطلب مني أن اعطيه كتابك فدفعته له فقال الملك إنه ذكر لي أنك تزعم أني أبخر قال ما قلت ذلك قال الملك فلما وضعت يدك على أنفك وفمك قال أطعمني ثوما فكرهت أن تشمه .
فتأملوا رحمكم الله شؤم الحسد وما جر إليه اللهم طهر قلوبنا من الحسد والحقد.